تتبنى مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية الإيثار الفعال كفلسفة، فإن الصلة بين عملنا والأوساط الأكاديمية أصبحت أقرب من أي وقت مضى. بصفتنا منظمة خيرية قائمة على الأدلة، فإننا نغامر باستمرار في بيئات تعلمية مبتكرة بحثا عن إجابات جديدة لأحد أكثر التحديات إلحاحا في البلاد، مع تزويد قادة المستقبل بأدوات وأساليب صنع السياسات القائمة على الأدلة. لذلك من المهم بالنسبة لنا أن يكون طلاب الأجيال القادمة من الباحثين وصانعي السياسات لإرشادهم خلال عملياتنا وفلسفتنا كمحاولة للتعريف المبكر لكيفية مساهمة البحث في القرارات. ولذلك، في ربيع 2022 وعلى خلفية السنة المصرية للمجتمع المدني، تعاون قسم التعلم والاستراتيجية مع قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومركز التعلم والتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لتنفيذ ورشة عمل للتعلم المبني على المجتمع. تم تصميم هذا التعاون التجريبي لربط وتعميم تجارب التعلم وتوليد الأدلة من ناحية، بحوارات السياسات وصنع السياسات من ناحية أخرى. ركز المشروع البحثي على البطالة الشبابية، كونها إحدى الأولويات الاستراتيجية لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية من ناحية، ومشكلة يواجهها الطلبة عند التخرج.
من السهل في أيامنا هذه، مع الكميات الهائلة من المعلومات والأساليب العلمية الحديثة، أن نفترض أننا نعرف ما يكفي عن ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية معينة. ومع ذلك، مع تفاقم التحديات والشعور بالضغوط، يصبح من الواضح ما نعرفه على وجه اليقين يعمل وما هي مجرد افتراضات واضحة المعالم. لذلك كان من المهم عرض العملية التي نمر بها عند اختيار أولوياتنا الاستراتيجية كأساس.
النمو السكاني، وهو ضغط مضاعف في مصر، يتطور مع مجموعة فريدة من التحديات والفرص على حد سواء، ومن أبرزها حالة التوظيف، أو عدمها، من الوظائف اللائقة لموجة الشباب الداخلين لسوق العمل. وهذا يجعل بطالة الشباب واحدة من أكثر التحديات تعقيدا التي تواجه التركيبة السكانية المصرية وشعبها وسوق العمل والكيانات الحاكمة. مع تزايد عدد السكان الذي وصل إلى حوالي 104 ملايين نسمة بحلول نهاية عام 2022 [1] معظمهم من المواطنين الشباب، تمت صياغة هذه الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية التي تختمر مؤخرا باسم “تضخم الشباب” [2]، حيث يقرب حوالي 60٪ من السكان أعمارهم تقل عن 30 عاما، و40٪ من السكان تتراوح أعمارهم بين 10 و29 عاما، وتدفق متوقع من العمالة (العرض) بحلول عام 2030 إلى عام 2050. [3]
بعد عامين من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ساهم قسمان لاقتصاديات سوق العمل بأربعة وأربعون (44) طالب وطالبة من كلية الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في أجندة البحوث والسياسات لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، حيث أنتجوا تقريرا شاملا عن عمالة الشباب في مصر. عمل الطلاب (11 مجموعة) في مجموعات من (3-4 طلاب لكل مجموعة) وتم توجيههم إما لإنشاء بيانات أولية أو بحث بيانات وأدلة ثانوية من تقييمات الأثر التي أجريت بدقة والأوراق التي تمت مراجعتها من قبل النظراء، لإنتاج القسم المقابل لهم بالتقرير النهائي. علاوة على ذلك، طُلب من الباحثين إنتاج مدونة تلخص النتائج والدروس المستفادة من قسمهم، وتعميمها كأداة للدعوة، مع التأكيد على أهمية توليد وتعميم العلوم ومناصرتها.
أنتج مشروع التعلم المجتمعي استنتاجات وتوصيات تم تسليمها من خلال ورشة عمل “للتفكير التصميمي” حول بطالة الشباب. تم إجراء البحث من قبل الطلاب الذين عملوا في مجموعات حول بطالة الشباب كموضوع شامل يتناول تدخلات العرض والطلب في سوق العمل على المستويين العالمي والوطني، وتحليل المشكلة، والنظر في اتجاهات مستقبل العمل مثل تغير المناخ والأتمتة.
من خلال ورشة عمل التفكير التصميمي بقيادة وتيسير من مركز التعلم والتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قام الطلاب جنبا إلى جنب مع باتريسيا سمان وأدهم حمدي من قسم التعلم والاستراتيجية بالمؤسسة بتفكيك نتائج أبحاثهم والخروج بتوصيات تتماشى مع الأولويات الاستراتيجية للمؤسسة مع تحقيق القيمة الأساسية لكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة المتمثلة في المواطنة المسؤولة. يعمل البحث الآن كمادة للمؤسسة لاتخاذ القرارات المتعلقة بالتوسع المحتمل لهذا البرنامج (العمالة الشبابية) ويرشدنا إلى أين وما يجب أن تكون مجالات التركيز وفقا للحاجة المثبتة في المجتمع المصري.
تقود هذه التجربة التعليمية المبتكرة الدكتورة أمل موافي والدكتورة دينا عبد الفتاح وفريقهما المذهل من مساعدي المعلمين، الذين ندين لهم بالامتنان لدعوتنا إلى مساحات التعلم الخاصة بهم. ونتوجه بتقدير خاص للجهود الرائعة التي تبذلها الدكتورة هدى مصطفى مديرة مركز التعلم والتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وفريق المتميزين من منفذي ورش عمل التفكير التصميمي، لإخراج وبلورة النتائج من عقول الطلاب وأبحاثهم.
احتفالا بهذا الإنجاز، كانت دورة “التعلم المجتمعي ECON 3071” هي الوصيف لجائزة أفضل مبادرة للتعلم مدى الحياة في حفل توزيع جوائز التميز لرابطة ماجستير إدارة الأعمال ورابطة خريجي إدارة الأعمال 2022/23، والتي نفخر جدا بمشاركتها في هذا النجاح.
وتضمنت الورشة الكلمة الختامية للسيد أحمد البنهاوي، مدير برامج بإدارة التمكين الاقتصادي بمؤسسة ساويرس، حيث سلط الضوء على أهمية حلول سوق العمل المبتكرة لمعالجة هذه القضية، مع التأكيد على أهمية توليد الأدلة والمعلومات حول فرص العمل وتوافرها لضمان اقتصاد عامل صحي للطفرة القادمة في داخلي سوق العمل.
بالتزامن مع ذلك، تقف مؤسسة ساويرس في طليعة الدعوة إلى خلق فرص عمل لائقة وتعبئتها من خلال عدد من مشاريع التمكين الاقتصادي ومساعي التعليم الفني والتقني. ونود أن نكرر التزامنا تجاه التعلُم وتوليد الأدلة وبرامج تعزيز التوظيف. أكثر من ذلك، ندعو شركائنا المنفذين والمتعاونين إلى تأييد قيمة التعلم باستمرار. نحن في مؤسسة ساويرس فخورون بالمساهمة في هذا الإنجاز نحو فعل الخير بشكل أفضل، ومعرفة المزيد والاقتراب خطوة من المساحات المدنية والسياسات المدعومة بالبيانات والأدلة والعلوم.