قوة الشراكات في تعظيم الأثر

تم عقد اجتماع الأمم المتحدة في عام 2015 في نيويورك لصياغة أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، والتي تهدف إلى تحسين رفاهية وازدهار المجتمعات في جميع أنحاء العالم. وخلال العام نفسه، قامت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بإعادة الهيكلة الداخلية اللازمة لإنشاء إدارة الشراكات، من أجل دعم المؤسسة في صهر شراكات استراتيجية نحو السعي لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مؤثرة.

هناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نستثمر في الشراكات، من المنظورين النظري والعملي. نظريا، فإن التعاون من أجل معالجة القضايا الاجتماعية يتماشى بقوة مع الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة، وهو “تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة”، وهذا ما يتماشى مباشرا مع رؤية مصر 2030. وبصفتنا شركاء ملتزمين بجدول أعمال التنمية العالمية واستراتيجية التنمية الوطنية لمصر، فإننا نلتزم ببناء الشراكات. ومن الجانب العملي، نسعى إلى الشراكة مع المنظمات ذات السمعة الطيبة والراسخة امع التركيز على تعظيم الأثر. ولذلك من خلال التعاون مع المنظمات ذات التفكير والأولويات والقيم المماثلة، نصل إلى المنفعة المتبادلة بعدة طرق أهمها:

1. الحد من تكرار الجهود في مجال التنمية الاجتماعية وتوفير موارد هائلة في هذه العملية.

2. تحقيق وصول وتأثير أكبر:

من المشجع جدا أن نرى كيف يمكن لدمج الموارد أن يساعد الشركاء على القيام بالمزيد من العمل، وعلى نطاق أوسع بكثير. هذا يؤثر على معيشة وحياة عدد أكبر من الأفراد والأسر المستفيدة في هذه العملية.

3. تبادل الخبرات وأفضل الممارسات، يمهد الطريق لفرص التعلم المتبادل:

توفر الشراكات المصهورة بدقة صيغة ممتازة للتعلم المتبادل، حيث يمكن لكل منظمة معالجة الدروس المستفادة وأفضل الممارسات من شركائها. وهذه من مميزات الشراكات القيّمة التي ننصح بالاستفادة منها، لا سيما بالنسبة للمؤسسات التي تعمل في مجال التنمية الاجتماعية وتقديم المنافع العامة.

4. استكمال نقاط القوة بين الشركاء من خلال التركيز على ما يجلبه كل شريك إلى الطاولة:

يمكن للشراكات الفعّالة والكفؤ أن تثبت قدرتها على تحويل الشركاء، من حيث أنها يمكن أن تزود القطاعين العام والمجتمع المدني بمهارات قيّمة ذات صلة بالصناعة منقولة من ممارسات القطاع الخاص، ومن ناحية أخرى يمكن لشراكات مع القطاع الخاص دمج القيم والمسؤولية الاجتماعية في نماذجها وسلاسل القيمة الخاصة بها (وهو ما أطلق عليه البعض “خلق قيمة مشتركة”).


ولذلك، فإن الهدف من إنشاء الشراكات والحفاظ عليها لا يقتصر على تعظيم الاستثمارات المالية، بل الأهم من ذلك إثراء التدخلات الإنمائية من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات والمعارف والموارد (سواء كانت مالية أو غير ذلك). وهذا يساعد في تصميم وتنفيذ برامج أكثر فعالية وشمول، ويتماشى بشكل جيد مع فكرة أنه “لا توجد مؤسسة واحدة أو فرد واحد يعرف كل شيء”.

هناك عدد من الفوائد الإضافية عندما يتعلق الأمر بإنشاء الشراكات. حيث ينبغي أن تركز الشراكات تركيزا كبيرا على معالجة الأولويات المحددة للأطراف المعنيين. وعلاوة على ذلك، تتمتع الشراكات بقدرة كبيرة (إذا صُممت بشكل صحيح) على تجنب تركيز الكثير من سلطة اتخاذ القرار في أيدي كيان دون آخر مما يُعطي جميع أصحاب الشأن المعنيين صوت، ويؤدي إلى حلول شاملة للتحديات الإنمائية التي تتضمن وجهات نظر جميع الجهات الفاعلة المعنية، مما يؤدي في الواقع إلى مستويات أقوى من المِلكية. ولذلك، فإن ضمان عقلية تعاونية بين الشركاء يمكن أن يدعم في توسيع نطاق المبادرات في وقت لاحق، فضلا عن توسيع نطاق العمل إذا أثبت البرنامج نجاحه. وهذه النتائج هي السمات المميزة للشراكات الناجحة.

وتحقيقا لهذه الغاية، أنشئت مؤسسة ساويرس شراكات مع ما يقرب من خمسين منظمة وشركة حتى الآن، من أجل المشاركة في تمويل العديد من المشاريع والبرامج التي تهدف إلى خدمة متطلبات المصريين الأكثر احتياجا.  

ولكن بالطبع ما نيلُ المطالِب بالتمني، ويتطلب إنشاء شراكات جيدة بذل جهود كبيرة ومستمرة سواء في مرحلتي التخطيط أو التنفيذ. ويجب أن نضمن في كل شراكة أن نلتزم بالموارد المالية والتقنية والإدارية اللازمة. وهذا نهج كثيرا ما لا يتم استخدامه لأن المنظمات قد تخجل من تخصيص الموارد اللازمة لإنشاء الشراكات والحفاظ عليها (وغالبا ما تفعل ذلك باسم الكفاءة). علاوة على ذلك، فإن مرحلة تصميم الشراكة ذات أهمية حاسمة لاستدامة التعاون، بمعنى أنه يجب على جميع أصحاب الشأن والشركاء التفكير والتخطيط جنبا إلى جنب، والقيام بذلك بطريقة شاملة لجميع الأطراف. وهذا يعني صياغة أهداف واضحة ومحددة جيدا يمكن لجميع أصحاب الشأن الاتفاق عليها، وتحديد كيفية وصول الشركاء إلى تلك الأهداف، فضلا عن تحديد أدوار ومسؤوليات كل طرف بوضوح. وينبغي أن نستكمل ذلك بعملية مراجعة مستمرة من أجل قياس التقدم المُحرز عندما يتعلق الأمر بهذه الأهداف المحددة. وبطبيعة الحال، فإن قول هذا أسهل بكثير من فعله، حيث يمكن أن يكون التواصل بين الشركاء تحديا كبيرا، وخاصة بالنظر إلى المتطلبات والسياسات الإدارية لكل كيان.

وبالرغم عن ذلك، يمكننا معالجة هذه المعوقات المتعلقة بدفع الشراكات إلى الأمام من خلال استخدام طرق جديدة ومبتكرة للتنسيق بين الشركاء، مثل استخدام التكنولوجيا بذكاء مع مراعاة الكفاءة. مثال بسيط على ذلك قد يكون التعاون على المستندات المشتركة بالتوازي من أجل توفير الوقت. وثمة طريقة أخرى تتمثل في تنسيق الإجراءات الداخلية في وقت مبكر، بدلا من أسلوب الاتصال المستمر ذهابا وإيابا. أيضا الاشتراك في تقاسم وتنظيم الجداول الزمنية من أجل تنسيق الاجتماعات دون عناء.

عندما يتم تنسيق الشراكات بشكل أكثر سلاسة، تزداد الرغبة في إنشاء تعاون أكثر إنتاجية. كما أن الحفاظ على المرونة مبدأ هام من مبادئ العمل مع العديد من الشركاء، حيث يمكن أن تسبب المتطلبات الإجرائية لكل شريك (مثال على ذلك تقارير حالة الدعم الدوري) متاعب إدارية للكيانات التي تنفذ على أرض الواقع، مما يصرفها عن التنفيذ الفعلي. ولذلك، من المطلوب أن يتمتع الشركاء في التمويل المشترك بالمرونة اللازمة لتهجين المتطلبات الإدارية ودمجها بطريقة تخفف من بيروقراطية الشركاء المنفذين.

وأخيرا، يجب أن نسلط الضوء على أن الشراكات المنفصلة عن هدف ووظيفة واضحين، لا ينبغي السعي لها وأن السبب وراء إقامة أي شراكة ينبغي أن يكون الاعتقاد الأساسي لأصحاب الشأن بأن هناك تحديا تنمويا يلزم التصدي له. والواقع أن الشراكات أداة قوية في ترسانة المنظمات التي يمكن (وينبغي) الاستفادة منها من أجل بلوغ الأهداف المشتركة بصورة جماعية. مع الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى مثل اختلاف وتيرة العمل بين الشركاء وكذلك العقبات الإدارية.

في النهاية، تؤكد مؤسسة ساويرس مجددا التزامها القوي على مدى السنوات القادمة بمواصلة توسيع تعاونها مع شركاء التمويل، على أمل سد الفجوة بين أصحاب الشأن في التنمية من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد. نحن نؤمن إيمانا راسخا بالشراكات والعمل الجماعي، كما يقول المثل “إذا كنت تريد أن تذهب بسرعة، فاذهب بمفردك، وإذا كنت تريد الذهاب بعيدا فلنذهب سويا.”

منشورات أخرى

المزيد من الموارد

المشاركة الاجتماعية

المؤلف (المؤلفون)

روزا عبد المالك

مديرة قطاع الشراكات وتتولى مسؤولية إقامة شراكات مع المنظمات غير الحكومية وغيرها من الجهات المانحة. قبل انضمامها إلى مؤسسة ساويرس، شغلت روزا منصب المدير التنفيذي ل SPAAC/مركز التمكين البشري (1988-2008)، كما عملت منسقة مشاريع لورش عمل إدارة التسويق للشركات الصغيرة والمتوسطة بالشراكة مع PEP-MENA 2004-2007 وكمستشارة جودة لمؤسسة التمويل الدولية / PEP-MENA في منطقة الشرق الأوسط 2005-2006. تم اختيار روزا للمشاركة في العديد من ورش العمل الدولية التي نظمها البنك الدولي حول الإدارة الاستراتيجية والتسويق والتدريب. حصلت روزا على درجة بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1987، وهي خريجة برنامج مبادرة مبارك للتطوير المهني.

محمد لطفي

مسؤول أول عن الشراكات، يحمل محمد درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتخصص في العلاقات الدولية بشكل رئيسي بجانب التخصص الفرعي في الاقتصاد. انضم إلى وكالة إعلانات رقمية لمدة عام حيث عمل على رفع وتعزيز وجود العملاء على المنصات الرقمية وكذلك على بناء استراتيجياتهم الرقمية. غادر من هناك كمدير حسابات أول لينضم لمؤسسة ساويرس.

[DISPLAY_ULTIMATE_SOCIAL_ICONS]