بناء قدرة الأشد فقرا على الصمود والتكيف من خلال التعلم وتوليد الأدلة

تعتمد نظمننا الاجتماعية والاقتصادية اعتمادا كبيرا على الموارد الطبيعية ووفرتها النسبية وإمكانية التنبؤ بها. هذا التبادل التكاملي بين الإنسان والطبيعة الذي عزز تطور حضاراتنا على مدى آلاف السنين أصبح الآن أقل ضيافةً بشكل متسارع وأقل دعما للكثيرين.

وينطبق ذلك بشكل خاص على المجتمعات المُعرضة والطرفية (مجتمعات الخطوط الأمامية)1 التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الموارد الطبيعية المتاحة لكسب المعيشة مثل (الزراعة وصيد الأسماك والجمع)، وهي أكثر عرضة للفقر متعدد الأبعاد لأنها محرومة من الوصول إلى الخدمات الأساسية والبيئة الداعمة المناسبة (الغذاء والماء والهواء ودعم التنوع البيولوجي). وتقدر دراسة للبنك الدولي أنه بحلول عام 2030، سيتم جر عالمياً أكثر من 130 مليون شخص إضافي إلى الفقر المدقع، مشيرة إلى تدهور الحالة الصحية العامة والزيادات في أسعار المواد الغذائية كالقنوات الأكثر انتشارا التي تسبب هذا التزايد.

ولمحاولة التصدي لذلك، وبمشاركة قياسية بلغت 46,000 مشارك، وهي الأكبر في تاريخ القمة، عُقد مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) خلال شهر نوفمبر في شرم الشيخ. وحقق المؤتمر إنجازات على أصعدة ملموسة وعلى وجه الخصوص، كان هناك الإعلان المتأخر الذي حظي بترحيب كبير في 20 تشرين الثاني/نوفمبر عن التوصل لاتفاق توفير صندوق الخسائر والأضرار للبلدان الضعيفة المتضررة بشدة من الكوارث المناخية عبر الجهود التفاوضية لرئاسة المؤتمر.

“هذه النتيجة تدفعنا إلى الأمام” …”لقد حددنا طريقة للمضي قدما في محادثة استمرت عقودا حول تمويل الخسائر والأضرار – مداولين حول كيفية معالجة الآثار على المجتمعات التي دُمِرَت حياتها وسُبل عيشها بسبب أسوأ آثار تغير المناخ.” سايمون ستيل، الأمين التنفيذي للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ.

وأضاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شمعة أمل أخرى عند إعلانه عن خطة عمل تنفيذية لمبادرة الإنذار المبكر للجميع، داعيا إلى استثمار 3.1 مليار دولار لتوفير نظام عالمي للإنذار المبكر يشمل المعرفة بمخاطر الكوارث، والملاحظات والتنبؤ، والتأهب والاستجابة، والإبلاغ عن الإنذارات المبكرة في السنوات الخمس المقبلة. علاوة على ذلك، فإن خطة شرم الشيخ التنفيذية جديرة بالذكر أيضاً، استجابةً للآثار المدمرة لتغير المناخ التي تؤثر على الأشخاص الأكثر عرضه في جميع أنحاء العالم، والتي أطلقتها رئاسة COP27 بالشراكة مع الأبطال رفيعي المستوى. تحدد خطة شرم الشيخ للتنفيذ 30 نتيجة لتعزيز القدرة على الصمود ل 4 مليارات شخص يعيشون في المجتمعات الأكثر عرضة للمناخ بحلول عام 2030. 2

تزامناً مع أهمية هذا الحدث، يتطلع العالم إلى المجتمعات المدنية والأكاديمية والبحثية لزيادة فرص الحصول على البيانات والأدلة التاريخية اللحظية عن الظروف المناخية وآثارها والخسارات المحتملة في مختلف المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للفقر وكذلك مدى توافرها. ولذلك دفعت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية (SFSD) قدما في توجيه الجهود العلمية نحو معرفة ما الذي ينجح من تدخلات؟ ومن هم الأكثر عرضه؟ لآثار الطقس القاسي والعدائية المتزايدة للظروف المناخية والطبيعية. ولتحقيق ذلك، حضرت المؤسسة وشاركت واستضافت العديد من الأحداث الجانبية التي تمتد عبر “المنطقة الزرقاء” الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ و”المنطقة الخضراء” الأكثر شبابية وحيوية تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعي. وقد تم تعبئة مشاركتنا بشكل أكبر، لدعم دور وزارة التضامن الاجتماعي كميسرة لصوت المجتمع المدني وأعماله بالجناحين بالإضافة إلى دعم دور الوزارة الرائد في إدارة 800 متطوع متميز نيابة عن الحكومة المصرية والمواطنين المصريين خلال COP27.

في المنطقة الزرقاء

الأدلة والتعلم والبيانات في الوقت الفعلي في السباق نحو التكيف مع تغير المناخ بين المجتمعات الأكثر فقراً عنوان حلقة النقاش الأولى التي عقدت في 10 نوفمبر والتي تتزامن مع اليوم المواضيعي “العلوم والشباب وأجيال المستقبل”. حضر الحلقة النقاشية معالي وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج وأدارها السيد عبد الرحمن ناجي مدير إدارة التعلم والاستراتيجية بمؤسسة ساويرس.

شارك في الجلسة المقامة في جناح المجتمع المدني في المنطقة الزرقاء، كل من الدكتور أحمد السيد، مدير البحوث في معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر (J-PAL MENA)، والدكتور محسن سرحان الرئيس التنفيذي، والدكتور محمد الكرماني مدير معمل النمو من بنك الطعام المصري، والدكتور أبي كيبروم رئيس البرنامج للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) مصر، وكذلك الدكتورة ريهام رزق بصفتيها رئيسة وحدة التخطيط والتنمية الاقتصادية بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وكذلك مدير معمل مصر لقياسات الأثر. وحضر الحدث الجانبي أيضا مجموعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المصري وممثلي الحكومة في وضع مثالي لمعالجة توليد الأدلة حول العلاقة بين المناخ والفقر.  وشدد السيد ناجي في كلمته على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني لمعالجة عواقب تغير المناخ نظرا لأنه يشكل تهديدا اقتصاديا واجتماعيا للسكان المصريين. “في الوقت الحاضر، تعد الدلتا والساحل الشمالي من بين أكثر المناطق المهددة بارتفاع مستوى مياه البحر على مستوى العالم وسكانها من بين الأكثر عرضة لتغير المناخ. لا يملك العالم رفاهية التصدي لتغير المناخ استنادا فقط إلى النوايا الحسنة، بل يجب أن ندعم السياسات القائمة على الأدلة لدعم التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره”.

أما في يوم 15 نوفمبر تم تفعيل مشاركتنا بشكل أكبر من خلال توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة التضامن الاجتماعي (صندوق دعم مشاريع الجمعيات الأهلية) تليها حلقة نقاش بمشاركة معالي الوزيرة الدكتورة نيفين القباج في الجناح المصري المرموق في المنطقة الزرقاء بمشاركة السيد عبد الرحمن ناجي (SFSD)، الدكتور أحمد السيد (J-PAL MENA)، الدكتورة ريهام رزق، وأدارها أحمد حمدي (مسؤول رئيسي للاستراتيجية) في مؤسسة ساويرس.

وأكدت معالي الوزيرة أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في دعم الجهود الوطنية للحد من آثار تغير المناخ. كما سلطت الضوء على أهمية برامج الحماية الاجتماعية، وخاصة القائمة على الأدلة والقائمة على البيانات، في حماية السكان الأكثر عرضة لتغير المناخ. كما أشارت إلى أهمية إتاحة نتائج الدراسات والبحوث والبيانات لعامة العاملين في المجتمع المدني، بلغة يسهل فهمها وتطبيقها، مما يساعد على سد الفجوة بين الأدلة العلمية وصنع السياسات على مستوى المجتمع المدني والجهات الحكومية. وأشار عبد الرحمن ناجي إلى أن المؤسسة ستعمل على إتاحة الكثير من المعلومات والبيانات والحلول القائمة على الأدلة لمنظمات المجتمع المدني لدعم جهودها للحد من آثار تغير المناخ ودعم البرامج القائمة على الأدلة لحماية الفئات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ واستكمالاً للجهود الوطنية.

اختُتمت جهودنا يوم 17 نوفمبر، في جناح المجتمع المدني بجلسة بعنوان: دور مؤشرات الفقر متعددة الأبعاد في تصميم السياسات الصحيحة وبرامج التنمية لتوليد السياسات القائمة على الأدلة، أدارها الدكتور محمد عبد الجواد علام، الوزير المفوض (تجاري) ورئيس قطاع المؤسسات المالية الدولية في وزارة التعاون الدولي. وشملت هذه المناقشة رفيعة المستوى، سواء من حيث مستوى السياسات أو الجوانب العلمية، حلقة نقاش شديدة التنوع شارك فيها السيد عبد الرحمن ناجي من مؤسسة ساويرس، والدكتورة ريهام رزق من وزارة التخطيط ومعمل مصر لقياس الأثر، والدكتورة كورين ميتشل مديرة البرامج والعمليات في مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية المرموقة (OPHI)، والدكتور خالد أبو إسماعيل رئيس قسم التنمية الاقتصادية والفقر في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، الدكتورة تسنيم ميرزا الخبيرة الاقتصادية في المقر الرئيسي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نيويورك والأستاذة نهى طلعت ممثلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وسفيرة مبادرة حياة كريمة.

تناولت هذه الجلسة التي عقدت في “يوم الحلول” مؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI) كأداة لرصد وتقييم آثار تغير المناخ على الصحة والتعليم والظروف المعيشية. واشتمل النقاش على مفهوم مؤشر الفقر والجوانب المختلفة للحرمان التي يأخذها بعين الاعتبار بالإضافة إلى الفقر المالي مما يسهم في تصميم سياسات وبرامج تنموية أكثر ملاءمة. كما استعرض المتحدثون أسس مبادرة “حياة كريمة” و”معمل مصر لقياس الأثر” ضمن رؤية مصر 2030 بدعم من المجتمع المدني الفعال، بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد في مصر. وجاءت نتائج الحوار لتؤكد أن القضاء على الفقر جزء لا يتجزأ من خطوات التخفيف من آثار تغير المناخ وحماية السكان الأشد عرضة واحتياج.

في المنطقة الخضراء

أما بالنسبة للمنطقة الخضراء النابضة بالحياة والأكثر شبابية وشعبية التي أُقيمت داخل حديقة السلام كمنصة لمجتمع الأعمال، للشباب والمجتمعات المدنية والأصلية والأوساط الأكاديمية والبحثية والفنانين ومجتمعات الأزياء من جميع أنحاء العالم، للتعبير عن أنفسهم وسماع أصواتهم من خلال الأحداث والمعارض وورش العمل والعروض الثقافية والمحادثات.

باستخدام الشبكة الضخمة من الناشطين الشباب والمدافعين الحاضرين في COP27، أدار أدهم حمدي (مسؤول التعلم والابتكار) في مؤسسة ساويرس حلقة نقاش بعنوان كسب الأرض: أصوات الشباب في صنع السياسات المناخية. وحضر الجلسة شريف الرفاعي الباحث بالسياسات المناخية في جامعة بكين وعضو انتفاضة الأرض، وسلمى اللقاني مؤسسة VeryNile.shop، وألاء مظلوم مسؤول البرامج في بنك الطعام المصري، وماريا سيرا أوليفيلا عضو انتفاضة الأرض برشلونا. تمحور النقاش حول دور أدوات المناصرة والمناصرة من جهة والتواجد على طاولات المفاوضات من جهة أخرى كاستراتيجيات شبابية مختلفة لكسب أرضية صنع القرار، بالإضافة إلى البيئات المختلفة لنشاط الشباب المناخي في جميع أنحاء العالم. لمشاهدة تسجيل لهذه الجلسة.

كما أدى تعاوننا مع وزارة التضامن الاجتماعي وفريق المتطوعين الفنيين في المنطقة الخضراء إلى التسليم الناجح للجناح الذي يضم معرض ديرانا للحرف اليدوية، وتسهيل وتخطيط وتيسير أكثر من (30) جلسة في مساحات المجتمع المدني بالمنطقة الخضراء، لتكون بمثابة شهادة على دورنا كبناة قدرات وميسرين للحوار والعمل بين المجتمع المدني المصري.

كمنظمة خيرية مانحة للبرامج القائمة على الأدلة تسعى إلى الحد من الفقر متعدد الأبعاد وتمكين عملاء التغيير، مؤسسة ساويرس تفخر بدورها كمحفز، وأكثر من ذلك بعد COP27 كنقطة بداية لإصدار وإتاحة الأدلة العلمية في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه والمرونة من خلال جداول أعمالنا في التخفيف من حدة الفقر متعدد الأبعاد. وفي الختام، تتطلع المؤسسة إلى عقد المزيد من الشراكات والتعاون مع شركائنا الحكوميين والعلميين والمنفذين من المجتمع المدني بشأن طرح القضايا الرئيسية المتعلقة بالمرونة المناخية والقدرة على التكيف معها للمجتمعات الأشد فقرا في مصر.

منشورات أخرى

المزيد من الموارد

المشاركة الاجتماعية

الملخص

1 مجتمعات الخطوط الأمامية هي المجتمعات التي تعاني من أول وأسوأ عواقب تغير المناخ، وتحديدا تلك الأكثر عزله عن نظم الطاقة وأقرب للتلوث الناتج عنه. تشمل مجتمعات الخطوط الأمامية، على سبيل المثال لا الحصر، المجتمعات العرقية، والمجتمعات ذات الدخل المنخفض، ومجتمعات السكان الأصليين، والمجتمعات المحاطة بإنتاج الطاقة الاستخراجية. تم استرجاعه من: مبادرة عدالة الطاقة على: Glossary and Appendix – Initiative for Energy Justice (iejusa.org)

2 PowerPoint Presentation (licdn.com) (N Gage COP27 للاستشارات تقرير ما بعد مؤتمر المناخ)

المؤلف (المؤلفون)

أدهم حمدي

مسؤول أول تعلم وابتكار في مؤسسة ساويرس في دوره في مؤسسة ساويرس، يشرف أدهم على المناصرة والاتصالات ونشر منتجات المعرفة. يتخصص أدهم في تحويل التقييمات والأدلة العلمية إلى سياسات قابلة للتنفيذ بالإضافة إلى التعلم والابتكار المتكاملين داخل المؤسسة. في السابق، عمل أدهم كاستشاري للإصلاح الإداري لصالح البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والمنطقة الاقتصادية الخاصة لقناة السويس، وتولى دور الدعوة والاتصالات في المجلس الوطني المصري للتنافسية. حصل على درجة الماجستير في الفكر الاجتماعي والسياسي من جامعة ساسكس، المملكة المتحدة. وبكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تخصص في الاقتصاد السياسي. يدافع أدهم عن السياسات الاقتصادية البيئية والدائرية والتضامن الاجتماعي، والاقتصادي، والمساواة. البريد الإلكتروني: ahamdy@sawirisfoundation.org

[DISPLAY_ULTIMATE_SOCIAL_ICONS]