مقدمة عامة:
تشهد العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط (63٪ من البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض، و36٪ من البلدان ذات الدخل المتوسط المرتفع) ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الغذائية المحلية.[1] بينما يواجه فيي مصر 14.4٪ من السكان تحديات الأمن الغذائي، حيث تحتل البلاد المرتبة 57 من بين 121 دولة على مؤشر الجوع العالمي لعام 2023، مما يشير إلى وجود نسبة جوع معتدلة.[2] كما تواجه الأمة تحديات تتعلق بالتغذية العامة والأمن الغذائي بسبب الاعتماد الكبير على مكونات الغذاء الأساسية (مثل القمح، 85%) المستوردة من الأسواق الأجنبية المتقلبة.[3]
بينما يعاني الأمهات والأطفال بشكل خاص من العواقب الوخيمة وطويلة الأمد لسوء التغذية والجوع مما يسبب قصورًا في نمو الطفولة المبكرة. حيث يعاني 4٪ من الأطفال دون سن الخامسة من نقص الوزن و13٪ من حالات القزامة، مما يجعل سوء التغذية بين الأطفال قضية مركبة للصحة العامة والسلامة في مصر.[4]
في مواجهة هذا التحدي الهائل وعلى أمل دعم الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية؛ تركز مؤسسة ساويرس وشركائها الجهود على إنتاج المعرفة والأدلة العلمية حول تدخلات المساعدات الغذائية الأفضل، ومن خلال دعم السياسات الغذائية المبنية على الأدلة، تهدف المؤسسة إلى إحداث تحول جذري في البحوث الغذائية في مصر مع تطور الأولويات والتحديات.[5]
برنامج التغذية العام وتقييم الأثر:
ونظرًا لهذا الواقع، وبناءً على الشراكات المثمرة بين مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومختبر النمو التابع لبنك الطعام المصري، أطلق “تقييم أثر برنامج التغذية العام” ودعيَ المشاركين والمتحدثين الرئيسيين والخبراء والممارسين لنشر النتائج النهائية لتقييم أثر برنامج التغذية العام والنتائج والدروس المستفادة.
أقيم الحدث بعنوان “نشر نتائج تقييم برنامج التغذية العام” في 8 يوليو 2024، وتم التواصل بشأن النتائج المهمة والصعوبات والاقتراحات الناجمة عن تقييم التأثير الدقيق لبرنامج التغذية العام. يمكنكم مشاهدة تسجيل الحدث بالكامل من خلال الرابط: https://youtu.be/6HyvyDI4sLY
نظرة عامة على مكونات برنامج التغذية العامة لبنك الطعام المصري (التدخل والاستهداف والصندوق والتوعية) كما قدمتها علياء أحمد، رئيسة مختبر النمو ومديرة أولى لاستراتيجيات البرامج:
يؤكد الهدف الثاني للتنمية المستدامة المتمثل في (القضاء على الجوع) على القضاء على الفقر،[6] ولا يمكن لمنظمة واحدة أو قطاع واحد أو دولة واحدة تبنيه، وذلك لتعقد تحقيق كل اهدافه المختلفة التي يتضمنها. يعتبر بنك الطعام المصري مظلة لأكثر من 4000 منظمة خيرية ومنظمات مجتمعية في جميع أنحاء مصر. تعمل هذه المنظمات الـ 4000 كأذرع لبنك الطعام للوصول إلى ال27 محافظة المصرية، والمناطق الأكثر هشاشة، والمستفيدين الأكثر استحقاقا.
يساعد بنك الطعام المصري، أحد أقدم مبادراته، حوالي 120.000 أسرة في المتوسط. لا تقتصر الأهداف الأساسية لبنك الطعام المصري على تخفيف الجوع والتحديات الأسرية المرتبطة به فحسب، بل وأيضًا منع العديد من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالأنظمة الغذائية غير الصحية أو غير الكافية، مثل مرض السكري، على أساس شهري أو موسمي.
بالإضافة إلى تقديم المساعدة الغذائية، يتضمن بنك الطعام المصري مكونًا للتوعية يستخدم أدوات مثل الرسائل النصية لتثقيف الجمهور حول أهمية الأنظمة الغذائية الصحية. يستهدف البرنامج فئات متنوعة، بما في ذلك كبار السن، وذوي الإعاقة، والنساء المعيلات، بالإضافة إلى برامج المساعدات الإنسانية لسكان غزة، والسودانيين، والسوريين. تم تصميم التدخلات المخصصة لمعالجة الاحتياجات المحددة لكل فئة، مع تركيز 40٪ من هذه التدخلات على النساء المعيلات.
الكلمات الافتتاحية:
خلال كلمته الافتتاحية، شكر محسن سرحان، الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، جميع الأطراف على جهود التدخل للحد من الفقر متعدد الأبعاد في مصر، مشيرًا إلى أهمية إدارة المشاريع والتقييمات بنهج علمي. كما أعلن بنك الطعام المصري عن إطلاق وحدة متخصصة للمناصرة ونشر الأبحاث العلمية والمشاريع التي ينفذها بنك الطعام.
وفي حديثها عن المكاسب الهائلة في المعرفة والمسارات المرسومة للمضي قدمًا في برامج المساعدات الغذائية، أكدت سيكاندرا كردي، رئيسة برنامج الدولة في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أن التجارب العشوائية المضبوطة لن توفر فقط أدلة لبنك الطعام المصري نفسه لاتخاذ أفضل القرارات بشأن برامجه، بل ستستكشف أيضًا التفضيلات والمحددات السلوكية لأنواع وأصناف الطعام الموزع لمستفيدي المساعدات الغذائية في مصر بشكل أعم.
ومن جانبها أعربت ميس أبو حجاب، نائب المدير التنفيذي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، عن رضاها عن نتائج الدراسة، مسلطة الضوء عليها باعتبارها واحدة من أكبر دراسات تقييم الأثر في مجتمع التنمية المصري التي تركز على التغذية. وأكدت على اهتمام المؤسسة القوي ببناء شراكات قائمة على استخدام وتوليد الأدلة العلمية التي تعمل على تحسين الممارسات التنموية للممارسين والشركاء في برامج التنمية التي تستهدف الأسر الأكثر ضعفًا.
الدافع وراء إجراء تقييم الأثر:
في حلقة نقاشية شارك فيها خبراء وممارسون في مجال التغذية، أدارتها حنان الخيال، مسؤولة رئيسية للتمكين الاجتماعي في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، تم استكشاف الدوافع وراء إجراء مثل هذه الدراسة والتعليق عليها من قبل الخبراء والممارسين الرائدين؛
وكما أوضح السيد سرحان، فإن رحلة بنك الطعام المصري لاستهداف الاحتياجات الغذائية المباشرة وتتبع آثار برامجه كانت رحلة علمية رائعة تشبه العملية الطبية لوصف العلاج الأنسب أو الدواء الأكثر فعالية لأي عِلل جسدية.
لقد تطورت أخلاقيات العمل التنموي بين المجتمع المدني في مصر منذ فترة طويلة جنبًا إلى جنب مع الاستراتيجيات التقليدية نحو الحماية الاجتماعية والحد من الفقر. وبصفتها منظمة مانحة، أكد الدكتور محمد القرماني، مدير التعلم والاستراتيجية في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، على رعاية المؤسسة لممارسات التنمية القائمة على الأدلة، ودعم ذلك بقرارات تمويل مبتكرة تمكن من دمج هذه الممارسات التنموية الصارمة والعلمية بالسياسات العامة.
ومن ناحية أخرى، سلطت الدكتورة سحر زغلول، الأستاذة الفخرية بالمعهد الوطني للتغذية (NNI) الضوء على الدور الضروري للبحث النوعي لفهم أعمق للنتائج، وتصورات المستفيدين، ومعتقداتهم، ودوافعهم.
ومن جانبه هنأ الدكتور أحمد السيد، المدير التنفيذي لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (J-PAL MENA)، الجهات المشاركة، وأعرب عن إعجابه بإنتاج ونشر تقييم برنامج التغذية العامة، فضلاً عن تعميم البحث العلمي الدقيق في منظومة التنمية المصرية وممارساتها.
الدروس المستفادة من تقييم برنامج التغذية العامة:[7]
كشفت دراسة تقييم الأثر التي أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية عن مقارنة بين أثار صندوق الأغذية الأساسي وصندوق المساعدات الغذائية الأكثر تغذية والغني بالمغذيات الدقيقة (مع الرسائل وبدونها) للمعيلات الإناث، مع تحليل شامل لخصائص الأسر المرتبطة بمؤشرات التغذية المتمثلة في تناول السعرات الحرارية والتنوع الغذائي وانعدام الأمن الغذائي، وتكشف الدراسة عن رؤى رئيسية، وهي:
- كان لصندوق الغذاء المغذي أثر أكثر وضوحًا على الأمن الغذائي والتغذية للأسر ذات الدخل المنخفض.
- كان لصندوق الغذاء الأساسي تأثير أكثر تعقيدًا على الأمن الغذائي، حيث حقق فوائد في المقام الأول للأسر ذات المستويات التعليمية العالية.
- تستفيد الأسر التي يرأسها أفراد بمستويات تعليمية أعلى وحجم أسرة أصغر من كلا التدخلين.
- تتمتع الصناديق بأثر أكبر على التنوع الغذائي والتفضيل للتبرعات العينية في الأسر الريفية مقارنة بالأسر الحضرية.
- كانت تدخلات الرسائل ناجحة في زيادة الوعي الغذائي عبر جميع فئات، مما أدى إلى أثر ملحوظ على الممارسات المبلغ عنها، وخاصة فيما يتعلق بالسلامة الغذائية.
- يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تحديد خصائص الأسر المرتبطة بقوة بالأثار الإيجابية من التدخلات، ويمكن أن يساعد في التنبؤ بالمعايير الأكثر فعالية للاستهداف في برامج المساعدات الغذائية.[8]
ملاحظات ختامية:
تحتفل مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بالوصول إلى خط النهاية والتعلم من حصاد الدروس المستفادة ومن سنوات من العمل الجاد للوصول إلى هذا الإنجاز الحاسم. توجه هذه الدراسة مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية وشركائها نحو صناديق المساعدات الغذائية المصممة خصيصًا (لمجموعات المستفيدين المختلفة) وتؤكد على ضرورة ربط التدخلات بالرسائل والمعلومات المشتركة مع حزم الأغذية لتعزيز أثر تدخلات المساعدات الغذائية.
إن تمكين المجتمعات الأضعف والأكثر عرضه من خلال التثقيف الغذائي هو تدخل مؤثر، حيث يزود المجتمعات والأسر بالمعرفة والمهارات اللازمة لاتخاذ قرارات أفضل وأكثر استنارة بشأن الصحة الغذائية. يمكن أن يأخذ هذا شكل تدريب على عادات الأكل الصحية، وتقنيات إعداد الطعام، والتخطيط للتغذية، مما يتيح ظروفًا صحية أفضل ورفاهية للأسر المهمشة.
وفي ختام هذا الجهد، تدعو مؤسسة ساويرس الشركاء إلى الاستفادة من هذه الرؤى الضرورية للحد من الفقر متعدد الأبعاد. وتدعو المؤسسة إلى زيادة الكفاءة في تخصيص الاستثمارات التنموية لتحقيق فعالية التكلفة لبرامج التنمية. أخيرًا، نؤكد أن الالتزام بالأطر العلمية لتمويل الجهود الموجهة نحو القضاء على الفقر متعدد الأبعاد، ضرورة ملحة، إن لم يكن الطريق الوحيد لتحقيق ممارسة تنموية فعالة في مصر.
[1] Food-Security-Update-CVII-June-27-2024.pdf (worldbank.org)
[2] World Food Program: Egypt.
[3] Abay, Kibrom A.; Abdelfattah, Lina; Elkaramany, Mohamed; Elsabbagh, Dalia; and Kurdi, Sikandra. 2023. Nutrition-sensitive food distribution amidst inflationary shock: Evidence from a randomized intervention in Egypt. IFPRI Discussion Paper 2218. Washington, DC: International Food Policy Research Institute (IFPRI). https://doi.org/10.2499/p15738coll2.137031
[4] Gatti, Roberta, et al. “Altered Destinies: The Long-Term Effects of Rising Prices and Food Insecurity in the Middle East and North Africa.” (2023). World Bank: Middle East and North Africa Economic Update https://www.worldbank.org/en/region/mena/publication/middle-east-and-north-africa-economic-update
[5] Global Food Policy Report 2024: Food Systems for Healthy Diets and Nutrition – (ifpri.info)
[6] https://www.un.org/sustainabledevelopment/hunger/
[7] General Feeding Program RCT Endline Results
[8] Mai Mahmoud( 2024), Improving Targeting of Food Aid Programs: Science-Based Insights.