إن اختيار الجهات المانحة للقطاعات التي ستوجه فيها مواردها أمر بالغ الأهمية، ولذلك فإن توجهاتنا الاستراتيجية يجب أن تراعي كيفية اتخاذ القرار ضمن منظمومة العمل لتحقيق أفضل استثمار للموارد. وتتضمن هذه الخطوة عدة أسئلة عن ما هو مهم وما هو غير مهم؟ ماهية المشاريع المدروس نجاحها؟ هل هذه أولوية بالنسبة لنا الآن؟ كيف يمكننا المتابعة والتحقق بفعالية من الاستخدام الأمثل لمواردنا؟
في محاولتنا للإجابة على هذه الأسئلة، شرعت مؤسسة ساويرس في رحلة على مدار عامين من التطوير لاستراتيجيتها الخمسية والنافذة من يوليو 2023 إلى 2028. وقد أطلقنا استراتيجيتنا في شهر يونيو من هذا العام مع شركائنا وزملائنا العاملين في الميدان وبدأ تنفيذها الآن. يمكنكم مشاهدة الفيديو الملخص للحدث بالإضافة إلى تسجيلات الجلسات النقاشية على هذا الرابط.
ومن خلال تصميم التوجهات الاستراتيجية الجديدة لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، قادت المؤسسة نهجا تشاركيًا من خلال التشاور مع شركائنا في التنفيذ والتمويل المُشترك، وأصحاب المصلحة الآخرين وكذلك الباحثين. علاوة على ذلك، حددنا أولوياتنا من خلال التعلم من نجاحاتنا وإخفاقاتنا السابقة، ومراجعة الأدلة العلمية على التدخلات المعترف بها عالميًا، وكذلك تقييم الاحتياجات الحالية والوضع في السياق المصري، فضلًا عن جمع وتحليل بيانات المشاريع الجارية لاستخلاص أوجه التعلم.
تلتزم مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بالشفافية الكاملة في استراتيجيتها على أساس المساءلة والانفتاح والتعلم المستمر، وتركز بشكل كبير على التعاون والتأثير والمرونة من خلال استراتيجية قائمة على الأدلة قابلة للتغير.
استراتيجية قابلة للتغيير وقائمة على الأدلة
تبني مؤسسة ساويرس استراتيجيتها على ركيزتين مهمتين: أن تكون قائمة على الأدلة ومرنة تجاه التغيرات.
- المرونة تجاه التغيرات
تسمح لنا الإستراتيجية المرنة بالعمل والتكيف بسرعة مع التحديات المتسارعة، حيث أصبح ذلك مطلبًا هامًا في عالمنا المتغير باستمرار، وتحتاج المنظمات إلى الاستجابة للتغييرات التي تحدث من حولها. ومع ذلك، تحدد مؤسسة ساويرس أولوياتها، مع بقائها على دراية بالمتغيرات والدروس المستفادة ومستعدة لإعادة النظر فيها عند الحاجة وفقًا للبيانات والنتائج الجديدة والتحديات العالمية.
مع التقييم المنتظم لأثار برامجنا ومراجعة أولوياتنا نلتزم بدعم العديد من المشاريع المبتكرة ونقوم بتوجيه وتمويل العديد من تقييمات الأثر، فإننا مسؤولون عن التصرف بناء على النتائج والدروس المستفادة بما يتضمن التعلم من الإخفاقات. علاوة على ذلك، في أوقات عدم اليقين والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المضطربة، فإن المجتمعات الفقيرة التي نخدمها في حاجة ماسة إلى دعم مرن. قد يتسبب هذا في تغيير الأولويات أمام الصدمات غير المتوقعة. ولذلك تلتزم مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بتخصيص الجهود والموارد لدعم أولئك الذين تلحق بهم الصدمات خسائر كبيرة وتدفعهم إلى حالة فقر أعمق.
- الاستناد على الأدلة
تحمل جهود الرصد والتقييم أهمية كبيرة في طريق الإجابة على السؤال التالي: “ماذا نمول؟” ولذلك يمكن أن يكون ردنا بسيطًا مثل: نحن نمول ما ينجح في الوصول للهدف المراد. ويُترجم هذا داخل المؤسسة إلى نحن نمول ما أظهر أثارًا إيجابية وملحوظة على المستفيدين. ومن خلال جمع وتحليل البيانات وتقييم الاحتياجات وتنفيذ المشاريع، نحن قادرون على توجيه تمويلنا بكفاءة، وضمان ما يطلق عليه في الدوائر الاستثمارية بعائد أفضل على الاستثمارات، وهذا ما نفضل تسميته بـ «الأثر الاجتماعي». وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج العلمي لتمويل التنمية المستدامة، يسمح للمؤسسات المانحة بإمكانيات أفضل لتوسيع نطاقها وإحداث تأثيرات أكبر.
الحد من الفقر المتعدد الأبعاد وتمكين وكلاء التغيير
“الفقر هو أكثر بكثير من مجرد عدم وجود ما يكفي من المال […] الفقر حالة” – (برونزويك، 2009).
قررت مؤسسة ساويرس النظر إلى ما هو أبعد من مقاييس الفقر التقليدية (من الناحية النقدية) وبدلًا من ذلك اتخذت مؤشر الفقر متعدد الأبعاد كمرجع لها. ويرصد هذا المؤشر مختلف الأبعاد التي تسهم في حالة الفقر؛ كالتعليم والصحة والإسكان والخدمات الأساسية والتوظيف وغيرها. لذلك، تهدف مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، من خلال برامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي وكذلك التدخلات التعليمية إلى معالجة الأوجه المختلفة لمؤشر الفقر المتعدد الأبعاد وبالتالي تقليل حدته وعدد الواقعين في قبضة بحلول عام 2028.
ومن خلال جهود التمكين الاجتماعي، يتم التركيز على الأسر المعيشية والأفراد «الذين يعيشون في فقر مدقع». وفي هذا الصدد، تدعم المؤسسة الجهود الموجهة نحو الأطفال المحرومين من رعاية الوالدين، وتوفير الخدمات الأساسية، والتخرج من الفقر المدقع.
يتم العمل على التمكين الاقتصادي من خلال برنامجين رئيسيين، حيث ندعم من ناحية برامج التدريب من أجل توفير فرص توظيف عالية الجودة، ومن ناحية أخرى ندعم المشروعات الصغيرة من خلال التمويل متناهي الصغر (القروض & المنح) بهدف زيادة أو توفير الدخل للمستفيدين. وتلتزم مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بإجراء العديد من تقييمات برامج التمويل متناهي الصغر لتحديد المنتجات الأكثر كفاءة للفقراء.
بالإضافة إلى ذلك، نعمل في قطاع التعليم، حيث يشكل الحرمان من التعليم بعدًا أساسيًا من أبعاد الفقر. ويهدف القطاع إلى تحسين نتائج التعلم ويركز على جودة التعليم من خلال تعزيز المكونات التمكينية وتقديم المنح الدراسية على أساس الاحتياج. كما تهدف المؤسسة إلى معالجة التصورات السلبية والإحجام المجتمعي عن التعليم قبل الابتدائي (الطفولة المبكرة) والتعليم والتدريب التقني والمهني من خلال جهود التوعية.
يمكن أن يكون وكلاء التغيير أفرادًا وكذلك منظمات، ممن لديهم إمكانيات التحول الاجتماعي الإيجابي. لذلك، فإن الاستثمار في هؤلاء الوكلاء وتعزيز الفرص التي تؤهلهم لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة في مصر أمر في غاية الأهمية.
يواجه المصريون العديد من العوائق في تحقيق التعليم العالي وتعزيز فرص الحصول على تعليم عالي الجودة. تشمل العوائق عدة أسباب قد تكون مالية أو ثقافية أو بسبب المنافسة العالية. ومن خلال برامج المنح الدراسية، تهدف مؤسسة ساويرس إلى تسهيل الوصول إلى التعليم العالي بالإضافة إلى توفير فرص التعليم التنفيذي لمناصرة موظفي الخدمة المدنية.
علاوة على ذلك، تعمل مؤسسة ساويرس على إثراء المشهد الثقافي في مصر عن طريق التزامها بتقدير وتشجيع الكتاب الناشئين والمبدعين في الأدب العربي، حيث تسلط جائزة ساويرس الثقافية الضوء على هؤلاء الكتاب وتقدم لهم فرصًا أكبر ومنصات لإطلاق وتوسيع قاعدة قرائهم خارج مصر وأكثر في العالم العربي.
أخيرًا وليس آخرًا، تدعم مؤسسة ساويرس وتعمل مع المنظمات غير الحكومية منذ إنشائها، وبالتالي أصبحت على دراية بقدراتها وتحدياتها. إن المنظمات غير الحكومية ركيزة لمجتمعنا، حيث تقدم خدمات لا حصر لها للسكان المصريين وتمثل مئات المجتمعات المهمشة. لذلك، تضع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية على رأس أولوياتها الاستثمار فيها، ودعم نظام بيئي صحي للعمل الأهلي والتطوعي، والسعي معًا نحو الكفاءة. ونتطلع إلى التحسين المستمر لقدرات العمل الأهلي وذلك تلبيةً لتحديات مجال التنمية المتطور وللتكيف معها ومواجهتها.
لتلخيص ما سبق، تلتزم مؤسسة ساويرس بالاستثمار في المبادرات التي تحقق نتائج ذات أثر ملموس وتستهدف التغير المستدام على المدى الطويل وأن تظل المؤسسة مستجيبة للظروف المحيطة بنا. ومن خلال التقييم الدقيق وتقديم المنح الاستراتيجية والتعلم المستمر، سنقوم بتحسين استخدام مواردنا لتحقيق أكبر عائد اجتماعي على الاستثمار. كما تشرع الاستراتيجية الجديدة في مسار من شأنه أن يزيد من رفع مستوى جهودنا، مما يمكننا من مواجهة هذه التحديات بأذهان وأهداف متجددة.
بالإضافة لذلك، يكمن التعاون في صميم استراتيجيتنا، حيث ندرك أن أهم الإنجازات تتحقق من خلال الشراكات التي تسد الفجوات بين القطاعات، استنادًا على الخبرات المتنوعة وإقامة التحالفات لإحداث تغير دائم. ومن خلال صهر مواردنا ومعرفتنا وخبراتنا، نضخم تأثيرنا الجماعي ونشارك في إنشاء حلول للمشاكل المعقدة التي نواجها.