استضافت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية ندوة يوم الأحد الموافق 12 سبتمبر بالتعاون مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (J-PAL MENA)، ومقره الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لمناقشة نتائج دراسة أجريت حول أثر القروض والمنح على أداء المشروعات متناهية الصغر وتخفيف حدة الفقر. شاهد الندوة من هنا.
غالباً ما يكافح الفقراء أو المعرضون لخطر الفقر للحصول على الموارد المالية التي يمكنها أن تدعمهم في بدء أو استمرارية الأعمال التجارية التي تؤمّن احتياجاتهم الأساسية. وفي العقود الأخيرة، كان روّاد التنمية وصانعو السياسات يستكشفون القروض متناهية الصغر كحل محتمل لتحسين فرص الحصول على التمويل لمن هم في أمس الحاجة إليه. جاءت الأدلة على أثر القروض متناهية الصغر مختلطة، وتتطلب دراسة أكثر عمقاً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نوعية المساعدة المالية قد تأتي في أشكال مختلفة: منح عينية أو منح نقدية أو قروض منخفضة الفائدة.
في عام 2016، دخلت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في شراكة مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقييم تأثير أحد برامج المساعدات المالية. قاد آدم عثمان وبرونو كريبون، الباحثان التابعان لـ J-PAL ، فريقاً بحثياً لتقييم تأثير أحد برامج المساعدة المالية الذي نفذته المنظمات غير الحكومية REDEC واتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية (FEDA) والسلام المسيحي. تم تدشين البرنامج في قنا، وهو يُنفَّذ في تاسع أفقر محافظة في مصر (من أصل 27 محافظة) بمعدل فقر بلغ 41% في عام 2019.
أجرى البرنامج تقييماً لتأثير مختلف أنواع المساعدة المالية المقدمة، بما في ذلك المنح النقدية والمنح العينية والقروض. قامت المنظمات غير الحكومية بفحص الأفراد المهتمين الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و35 عاما والذين يمتلكون خطة عمل صحيحة لنشاط تجاري جديد أو قائم فعلياً. قام الباحثون بقياس تأثير مختلف أنواع المساعدة على نمو المشاريع متناهية الصغر في صعيد مصر. وعلى الرغم من أن الأنواع المختلفة من المساعدات المالية قد أظهرت نمواً في الأعمال التجارية ورفاهية اقتصادية بشكل عام للمستفيدين منها، فقد تتبعت الدراسة الدرجات المتفاوتة من التأثير، مع الأخذ في الاعتبار الخصائص المتغيرة للمستفيدين مثل النوع/الجنس والتعليم والخبرة. تشير النتائج العامة إلى أن الأمر لا يتعلق بأنواع منتجات التمويل متناهي الصغر المقدَّمة فحسب، بل أيضا بالذين يتلقون المساعدة المالية وبسِماتهم الشخصية.
عقدت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية ندوة يوم 12 سبتمبر لمناقشة هذه النتائج بمزيد من التفصيل مع الدكتور عثمان بالإضافة إلى ممثلين من J-PAL MENA وفريق مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية ضمن أعضاء آخرين في مجتمع التمويل متناهي الصغر المصري. وقد أوضحت نورا سليم المديرة التنفيذية بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية أهمية الدراسة في توجيه دعم المؤسسة نحو البرامج المؤثرة والمثبتة بالأدلة والبراهين. كما أكدت نورا سليم التزام المؤسسة بتقديم التمويل للمشاريع التي تم اختبارها بدقة والتي تدعمها الأدلة مع حجز بعض التمويل للمشاريع التجريبية التي تتبنى أفكاراً واعدة ومبتَكَرة.
وأضافت أليسون فاهي، المديرة التنفيذية لدى J-PAL MENA، أن J-PAL قامت بإجراء أكثر من 200 تجربة عشوائية خاضعة للرقابة حول تدخلات التمويل متناهي الصغر، والقروض بشكل أكثر تحديداً. كما أشارت أليسون فاهي إلى دراسة أجريت في الهند أوضحت التأثير الإيجابي لمنح فترة سماح مدتها شهران لإجراء أول عملية رد قيمة القرض على المكاسب الاقتصادية طويلة الأجل.
وقد عرض الدكتور عثمان النتائج الرئيسية للدراسة، مشيراً إلى أن النساء اللاتي تلقين أيّ من نوعي التمويل متناهي الصغر (القروض أو المنح) حققن مكاسب ملحوظة في أداء الأعمال التجارية بالمقارنة مع نظرائهن من الرجال. وبالإضافة إلى ذلك، أثبتت المنح العينية أنها أكثر أنواع المساعدة فعالية عندما يتعلق الأمر بالنهوض بالأعمال التجارية القائمة، في حين أثبتت القروض منخفضة الفائدة أنها أكثر فعالية بأربع مرات من المنح العينية أو النقدية وذلك من حيث التكلفة. يمكن للقراء المهتمين أكثر بالنتائج التفصيلية الدخول على ملخص التقييم (summary of the evaluation) أو ورقة عمل الدراسة (working paper).
كما أشار محمد بركات مدير قطاع التمكين الاقتصادي بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية إلى أنهم ليسوا فقط مهتمين بقياس العائدات الاقتصادية لتدخلات المؤسسة بالتمويل متناهي الصغر، بل إن القطاع مهتم أيضًا بقياس الآثار الاجتماعية والتنموية لهذه التدخلات مثل تأثيرها على تخفيف حدة الفقر أو الحد منه. كما أشار محمد بركات إلى أن القروض ذات أسعار الفائدة المنخفضة أو المعدومة أظهرت نجاحاً في توفير مكاسب اقتصادية للأسر من الفئات المستهدفة.
وفي الختام، تؤكد مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية التزامها بدعم البرامج وتوجيه توصيات السياسات العامة مسترشدة في ذلك بالأدلة الحازمة. وقد وسّعت المؤسسة نطاق عملياتها استناداً إلى هذا الالتزام وذلك بإنشاء إدارة للتعلُّم والاستراتيجيات من أجل إضفاء الطابع المؤسسي على الممارسات القائمة على الأدلة في جميع أنحاء المؤسسة وخارجها. وتتطلع المؤسسة إلى المشاركة المستمرة بالدروس المستفادة من برامجها وتقييماتها مع مجتمع التنمية الأوسع حتى نتمكن معاً من توجيه المعرفة نحو التدخلات الأكثر فعالية من حيث التكلفة التي تقلل من الفقر متعدد الأبعاد في مصر.