بناءً على أحدث التقديرات للفقر متعدد الأبعاد، فإن 5,2 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 102 مليون نسمة يعانون من فقر متعدد الأبعاد، مما يعني أنهم محرومون من ثلث احتياجاتهم الأساسية على الأقل في التعليم والصحة ومستويات المعيشة [1]. ولقد بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره الأخير لعام 2021 أن مؤشرات التنمية البشرية في مصر قد تحسنت على مدار العقد الماضي، وتحديداً أن مصر شهدت أول انخفاض في الفقر النقدي من 32,5٪ في 2017/2018 إلى 29,7٪ في 2019/2020 [2]. وفي حين أن هذا الانخفاض واعد، لا يزال هناك الكثير الذي يمكن القيام به لتمكين الشعب المصري ومنحهم الفرصة لعيش حياة كريمة ومستوى معيشي أفضل.
قد يعاني الفقراء أو المعرضون للفقر من العديد من العوائق في وقت واحد. ويمكن أن تتمثل هذه المعوقات، وفقًا لمؤشر الفقر متعدد الأبعاد، في الأمثلة التالية: سوء التغذية وارتفاع معدل وفيات الرضع وسنوات التعليم غير الكافية أو غير المكتملة، وانخفاض معدل الالتحاق بالمدارس وسوء الصرف الصحي وقلة مياه الشرب أو انعدامها وقلة أو انعدام الوصول إلى الكهرباء وظروف الإسكان السيئة وعدم كفاية الأصول لامتصاص الصدمات الاقتصادية و / أو قلة وقود الطهي أو انعدامه. إن الأسباب الجذرية لهذا الحرمان عديدة ومعقدة. وتتدخل الحكومة المصرية والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية منذ عقود لدعم المحرومين والمهمشين.
في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، ساهمنا في هذا الجهد منذ إنشاء المؤسسة في عام 2001. وتشمل بعض هذه الجهود تمكين الشباب المصريين في السعي للحصول على تعليم عالي الجودة، ودعم الأسر الفقيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية، ومساعدة الشباب في الحصول على وظائف لائقة ودعم الكفاح من أجل القضاء على الأمراض المنتشرة في مصر. لكن هل هذا كاف؟ هل نقدم ما يكفي من القياس والرصد في عملنا؟ هل نتعلم من أخطائنا ونستمع إلى ما يمكن أن يخبرنا به الدليل العالمي ونشارك هذه المعارف بشفافية من أجل تحسين مجتمعنا التنموي؟ بصفتنا أكبر مؤسسة عائلية في مصر، نواصل طرح السؤال التالي: هل هناك طريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة والكفاءة للحد من الفقر متعدد الأبعاد والقضاء عليه؟ بعبارة أخرى، كما يقول دين كارلان صراحة في كتابه، هل يحتاج مجتمع التنمية في مصر إلى “ما هو أكثر من النوايا الحسنة”؟
من خلال طرح هذه الأسئلة، نحن [عبد الرحمن ناجي ونورا سليم] ندعوكم للانضمام إلينا في رحلتنا التعليمية في SFSD للتحقيق في مدى تأثير تمويلنا وكيف يمكن للمجتمع التنموي المصري مساعدة الآخرين بشكل أفضل. هذا هو جوهر الإيثار الفعال، وهي فلسفة تركز على ما هي الأساليب والطرق الأكثر فاعلية التي يمكننا من خلالها دعم الآخرين.
إننا نطلب مجتمعًا إنمائيًا مصريًا يستخدم أدلة صارمة وسببًا للتعرف على التدخلات الأكثر فعالية من حيث التكلفة التي تقلل الفقر متعدد الأبعاد، والتي تتخذ إجراءات من خلال ضمان التنفيذ عالي الجودة لهذه التدخلات.
لتحقيق ذلك، بدأت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بالفعل في إجراء التغييرات الهيكلية اللازمة التي ستحول هذه الرؤية إلى حقيقة واقعة. تم إنشاء قسم التعلّم والاستراتيجيات في عام 2018 لقياس تأثير البرامج التي تدعمها المؤسسة ولمراقبة جودة البرامج التي يتم تنفيذها بشكل أكثر فعالية. وقد توسع هدفها منذ ذلك الحين لدعم المؤسسة في تعظيم تأثيرها ولضمان أننا نتعلم باستمرار وتحسين تصميم وتنفيذ البرامج التي ندعمها.
تسعى المؤسسة حاليًا إلى تحديد الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في مصر ومطابقتها مع التدخلات الفعالة من حيث التكلفة والتي يمكن أن تحدث أكبر تأثير بناءً على الأدلة العلمية. وعند القيام بذلك ، نتطلع إلى طرح الأسئلة التالية التي تم توضيحها في كتاب William MacAskill وليم ماك اسكيل الشهير، “Doing Good Better”: (فعل الخير بصورة أفضل).
- كم من الناس يستفيدون وبأي قدر؟
- ما هو الشئ الأكثر فاعلية الذي يمكنك أن تفعله ؟
- هل هذه المنطقة مهمشة؟
- ماذا كان سيحدث لولا ذلك؟
- ماذا يعني النجاح وما هي فرص النجاح؟
لذلك، نريد قياس تأثير برامجنا وإنشاء آليات تضمن التعلم المستمر.
وأخيرًا فإننا نأمل أن نتمكن من مشاركة المعارف ذات الصلة محليًا وذات البصيرة عالميًا والتي ستساعد في تحسين تصميم البرنامج في المستقبل. ونرجو أن يدعم هذا المجهود المجتمع التنموي في التغلب على الجهل والركود والأيديولوجية التي اعتبرتها إستر دوفلو وأبهيجيت بانيرجيسيت في كتابهما “اقتصاديات الفقراء” من الأسباب الرئيسية لوجود تصميم وسياسات غير فعالة في برامج معالجة الفقر. وبالإضافة إلى ذلك، تعلمنا من مايكل كريمر والمؤلفين زملاؤه المشاركين أن استخدام هذه المنهجية يعد استثمارًا كبيرًا وأن العائد على كل دولار يتم إنفاقه هو خمسة دولارات.
لتحقيق ذلك، ركز قسم التعلّم والاستراتيجيات على الأهداف التالية لعام 2022:
- تطوير إستراتيجية مبنية على الأدلة للمؤسسة
- إنشاء وحدة تعلم تؤسس التعلم التنظيمي وبناء القدرات داخليًا وخارجيًا
- التأكد من أن جميع مشاريع مؤسسة ساويرس يتم مراقبتها وتقييمها بناءً على نظريات التغيير والأدلة الداعمة
- إنشاء بنية أساسية للمعلومات الإدارية لتدفق أكثر فعالية للمعلومات في جميع أنحاء المؤسسة
وبتحقيق ذلك، نتوقع أن تكون مؤسستنا في وضع أفضل لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر وتمكين أولئك الذين يسعون إلى تحسين الاقتصاد المصري.
في سلسلة المدونات هذه، سنطلعك على كيفية قيام قسم التعلّم والاستراتيجيات بدعم مؤسسة ساويرس لتزداد فعاليتها في الإيثار، وبذلك نفتح محادثة صادقة حول كيفية اعتماد هذه الأساليب، وبالتالي الدروس المستفادة، وتكييفها مع المنظمات الأخرى التي تسعى لفعل الخير بشكل أفضل. ابقوا معنا متابعين!