لماذا يعد التمكين الاجتماعي مكون بالغ الأهمية للتخفيف من حدة الفقر؟

لمحة عامة

تركز العديد من البرامج التي تعمل على التخفيف من حدة الفقر، بشكل خالص على التدخلات الاقتصادية لدعم الأسر شديدة الفقر في بناء دخل مستدام. ومع ذلك، فإن هذه التدخلات غالبا ما تكون غير كافية لمساعدة الأسر على الخروج من الفقر المدقع، حيث أُهمِلَت عناصر نفسية-اجتماعية حاسمة أخرى لنجاح الخروج المستدام من الفقر المدقع. 


مقدمة

برنامج «باب أمل» هو أحد أكثر البرامج المثبت أثرها والتي تستهدف الأسر الأكثر فقرا طبقا لمؤشرات الفقر متعدد الأبعاد (MPI). يستهدف برنامج «باب أمل» في مصر 2,267 أسرة تعاني من الفقر المدقع، وتصل تدخلاته إلى الأسر في أسيوط وسوهاج في صعيد مصر؛ حيث تشكل الإناث 95٪ من المستفيدين، مع العلم بأن 66٪ من المستفيدين أميين، و8٪ ليس لديهم مرحاض (أو نظام صرف صحي آخر)، و7٪ لا يستطيعون الوصول للمياه و19٪ يعيشون في ظروف سكنية غير ملائمة.

يّعد «باب أمل» تكييف لنهج التخرج من الفقر المعترف به دوليا، والذي بدأ تطبيقه في عام 2002 وطورته منظمة BRAC الدولية، ويستهدف من هم في فقر مدقع. يستند هذا النهج الإنمائي المتكامل على تقديم دعم متعدد الأبعاد، مع الارتكاز على التدخلات الآتية: 1. الحماية الاجتماعية – 2. تعزيز سبل العيش – 3. الشمول المالي – 4. التمكين الاجتماعي. في هذه المدونة، نركز على مكونات التمكين الاجتماعي ومدى أهميتها للخروج من الفقر المدقع بطريقة ناجحة ومستدامة. شاهدوا هذا الفيديو حول تكييف منهج التخرج من الفقر المدقع في صعيد مصر.


التمكين الاجتماعي 

تواجه الأسر الأكثر فقرا حواجز مختلفة تشمل الافتقار إلى المهارات، ومحدودية خيارات كسب الرزق، والافتقار إلى الأمن الغذائي، واتباع سلوك غير صحي مع سوء عادات النظافة والصرف الصحي، ومحدودية وسائل الحصول على الدعم الحكومي، بجانب وجود معايير مقيدة للمرأة في المجتمع المحلي وداخل الأسرة، وبالإضافة إلى العقلية القدرية المعتمدة على التحويلات النقدية بشكل كبير. ويتمثل أحد أهداف برنامج «باب أمل» في تزويد الأسر بعقلية واثقة وقادرة على الوعي بوضعها، وعلى الحصول على المعلومات، والوصول إلى الخدمات العامة وفوائد النمو الاقتصادي. وعلى نفس القدر من الأهمية، تعزز تدخلات «باب أمل» الدمج الاجتماعي وتغيير السلوك على نحو إيجابي بالتركيز بشكل خاص على النساء لدعمهن في اكتساب المعرفة والمهارات ورأس المال والمشاركة في صنع القرار.


المهارات الحياتية

المهارات الحياتية كما حددتها منظمة الصحة العالمية هي “امتلاك سلوك إيجابي وقدرة على التكيف تمكن الأفراد من التعامل بفعالية مع متطلبات وتحديات الحياة اليومية … وهي مجموعة من المهارات النفسية والاجتماعية والشخصية التي تساعد الأشخاص على اتخاذ قرارات مستنيرة وحل المشكلات والتفكر بطريقة نقدية وإبداعية والتواصل بفعالية وبناء علاقات صحية والتعاطف مع الآخرين والتأقلم مع حياتهم وإدارتها بطريقة صحية ومثمرة “.

يساعد التدريب الأسر على سد فجوة المعرفة وتطوير القدرات، والانتقال إلى ما هو أبعد من مجرد الحصول على المعلومات لتعزيز التعلم المتبادل داخل المجموعة، والتفاعل في المشاركة مما يسمح بتبادل الخبرات بين الأقران. وقد أعربت المشاركات ببرنامج «باب أمل» عن تقديرهن لتمكنهن من المشاركة مع النساء الأخريات في جلسات المجموعة، ووجدن أن موضوعات المهارات الحياتية مفيدة وفتحت أعينهن. وأعربت بعض المستفيدات من تدخلات برنامج «باب أمل» في سوهاج “يمنحنا البرنامج الفرصة للخروج من المنزل، والتعرف على الناس، وتحصيل معلومات جديدة، والمشاركة في النقاش، التعبير عن آرائنا، وتبادل الخبرات، وهو ما لم نكن نتمتع به من قبل.”

شاهدوا هذا الفيديو للمزيد من القصص من مستفيدي باب أمل.

يقدم بحث حديث نشر في أبريل 2022 رؤى حول نتائج تجربة التحكم العشوائية (RCT) التي أجريت لاختبار أثر تخفيف القيود المالية والنفسية-الاجتماعية على الحد من الفقر المدقع بين الإناث في النيجر. وقد تم إضافة ذراع “نفسي-اجتماعي” في التدريب على المهارات الحياتية منسوجاً بتوعية المجتمع بالتطلعات والأعراف الاجتماعية. يكشف البحث أن التدخلات النفسية-الاجتماعية التي تستهدف المعتقدات والسلوكيات والمهارات وعلاقات الأقران لها تأثيرات واعدة على السلوك الاقتصادي ومخرجات المشروعات. ويبين أن المجموعة التي تلقت تدخلات نفسية-اجتماعية هي الأكثر فعالية من حيث التكلفة، مما يسلط الضوء على قيمة تضمين عناصر نفسية – اجتماعية جيدة التصميم في التدخلات متعددة الأوجه لصالح للفقراء المدقعين.


التوجيه والإرشاد

من ناحية أخرى، تعالج جلسات الإرشاد والتوجيه العوامل النفسية مثل الثقة بالنفس والكفاءة الذاتية ومساعدة الأسر على بناء عقلية إيجابية وتزيد من قدرتها على المقاومة، وذلك من خلال زيارة المشاركين في منازلهم كل أسبوعين لمدة 30-40 دقيقة للتحقق من تقدمهم، حيث تساعد الميسرة الأسرة في حل التحديات وتلاحظ مدى استيعابها للمهارات الحياتية وترشدها لكيفية رفاه الأسرة وتقدم دعم مخصص لها. كما يعالج الإرشاد والتوجيه السلوك الاعتمادي وتدني احترام الذات الذي يمكن أن يكون شائعا بين ذوي الفقر المدقع. علاوة على ذلك، يدعم البرنامج سبل التعلّم وتغيير السلوك من خلال التشجيع وتعلم الالتزام وحل المشكلات وتقييم الذات، مما يؤدي إلى بناء ثقة الأسر شديدة الفقر في قدرتها على تغيير ظروفها وامتلاك رؤية للمستقبل. نجد أن أفضل تعبير لذلك جاء في كلمة مؤسس مؤسسة BRAC السيد فاضل حسن قائلا: “لا يدرك الناس غالبا أن الأنشطة التي يمارسونها يمكن أن تغير حياتهم. بمجرد أن يفهموا ذلك، كأن ضوء قد اشتعل.”


لجنة التضامن القروي

تلعب لجنة التضامن القروي دورا رئيسيا في إشراك وتمكين الأسر التي تعاني من الفقر المدقع، والتي غالبا لا يكون لها صوت في المجتمع. كما تقوم اللجنة بتعبئة الموارد للحصول على دعم إضافي، وتساعد المستفيدين في الحفاظ على نتائجهم الاجتماعية والاقتصادية التي وصلوا إليها بعد نهاية البرنامج. يجتمع المستفيدون كل شهرين مع اللجنة للحديث عن التحديات التي يواجهونها وتساعدهم على حلها. كما تساعد علاقة أعضاء اللجنة بالمستفيدين من ذوي الفقر المدقع على منحهم الفرصة للاستماع إليهم، وتحدد اللجنة أفراد المجتمع المحلي القادرين على المساعدة.


استنتاجات

نخلص أن المهارات الحياتية جنبا إلى جنب مع التوجيه والإرشاد، والعمل على القدرات المعرفية والشخصية يساعد على تطوير المهارات النفسية الاجتماعية للتعامل مع تحديات الحياة اليومية وتزويد الأسر بعقلية واثقة تؤدي إلى نجاحها في الخروج من الفقر المدقع. وتقود الجوانب المختلفة لأنشطة التمكين هذه إلى الشعور بالقدرة الكامنة، مما يساعد النساء على محاربة القيود الاجتماعية، وتزويدهن بالثقة في حقهن في الاختيار، والقدرة على تقرير ما يردن لحياتهن.

منشورات أخرى

المزيد من الموارد

المشاركة الاجتماعية

الملخص

المؤلف (المؤلفون)

ثائرة شعلان

تحمل ثائرة درجة الدكتوراه، ولديها خبرة مهنية تزيد عن 20 عاما في البحوث الاجتماعية والاقتصادية والتخطيط الاستراتيجي. عملت على إدارة برامج التخفيف من حدة الفقر ودعم حقوق الإنسان والطفل. تعمل في مؤسسة ساويرس منذ عام 2016، وهي مديرة برنامج باب أمل للخروج من الفقر المدقع. قبل انضمامها إلى مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، شغلت ثائرة منصب مدير برامج بالمجلس العربي للطفولة والتنمية، وقبل ذلك رئيسة إدارة حماية الطفل في اليونيسف. للتواصل: tshalan@sawirisfoundation.org

[DISPLAY_ULTIMATE_SOCIAL_ICONS]