توسيع نطاق خدمات تنمية الطفولة المبكرة المبنية على الأدلة لتشمل الأطفال المصريين: ملخص لورشة عمل الشراكة من أجل تنمية الطفولة المبكرة بتدخلات قائمة على الأدلة

نشرت يوم الخميس, 26 مايو, 2022

تشير كافة الأبحاث إلى تدخلات تنمية الطفولة المبكرة باعتبارها من أكثر التدخلات فاعلية، من حيث التكلفة، لدعم تنمية الأطفال المهمشين وتمكينهم من عيش حياة كريمة. كما تشير الأبحاث أيضا أن الاستثمار في التعليم المبكر للأطفال الصغار وتغذيتهم، وصحتهم يمكن يؤدي إلى مكاسب كبيرة في نتائج التعلم لدى الأطفال وإنتاجيتهم. فقد أظهرت الدراسات من سياقات مختلفة أن برامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة قد تؤدي إلى تحسين نتائج التعلم، وانخفاض نسبة الرسوب، من بين الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الأخرى طويلة الأجل. وعلى الصعيد العالمي، حقق الأطفال العديد من المكاسب في مجال الصحة والوصول إلى فرص تنمية الطفولة المبكرة، بدعم صانعي السياسات الذين أعطوا الأولوية الأكبر لتوسيع نطاق الوصول إلى دور الحضانة وتحسين جودتها. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأطفال يواجهون عوائق تحول دون الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة معرفيًا وجسديًا. فعلى الرغم من انخفاض معدل وفيات الرضع - دون سن الخامسة - في مصر بنسبة 73٪ ، في الفترة من 1990 إلى 2015 ، إلا أن التقزم يؤثر على واحد من كل خمسة أطفال تقريبًا، كما أن أكثر من نصف أطفال مصر غير مسجلين في التعليم قبل الابتدائي. ولهذه الأسباب تعمل مؤسسة ساويرس على الاستثمار في التعليم المبكر، والالتزام بإيجاد حلول أكثر فعالية لتحسين الوصول إلى خدمات رعاية الأطفال و كذلك تحسين جودة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في مصر.

من جهة أخرى، قام العديد من الباحثين من جميع أنحاء العالم بتحليل أثر الرعاية المبكرة للأطفال وخدمات تنمية الطفولة المبكرة على تحسين مشاركة النساء في سوق العمل، فطبقا للتقارير تراجعت مشاركة النساء في سوق العمل في مصر رغم زيادة فرص حصولهن على التعليم، حيث بلغت نسبة مشاركة النساء في سوق العمل 18.6٪ من إجمالي القوى العاملة في عام 2020. ويعد تزويد الأمهات الشابات ببدائل رعاية للأطفال إحدى الطرق لزيادة نسبة مشاركة النساء اللاتي قد لا يتمكن من من الانضمام للقوى العاملة بسبب المهام المنزلية ورعاية أطفالهم الصغار.

في ضوء هذه المعطيات، وتحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي، عقدت مؤسسة ساويرس ورشة عمل لمدة 3 أيام، في الفترة من 14 - 16 مارس، بالشراكة مع البنك الدولي، ومعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا J-PAL MENA ، مؤمنين جميعا بأن  إعطاء الأولوية لتوفير فرص التعليم المبكر عالية الجودة والتغذية السليمة للأطفال دون سن الخامسة يمكن يؤتي بثماره وأن يحقق نتائجه التي سوف تؤدي إلى تحسينات كبيرة في معيشة ورفاه الأجيال القادمة في مصر، وفي نفس الوقت تحسين مشاركة النساء في سوق العمل. 

تضمنت هذه الورشة عروضاً تقديمية من باحثين أكاديميين، ومؤسسة ساويرس، وزارة التضامن الاجتماعي، وJ-PAL MENA، ومنظمة Save the Children International وبنك الطعام المصري، حيث تم تسليط الضوء على ما يمكن تعلمه من الأدلة العالمية الموجودة في مجال تنمية الطفولة المبكرة، وما هو معروف عن سياق تنمية الطفولة المبكرة في مصر، متبوعا بعض الأمثلة على تدخلات تنمية الطفولة المبكرة التي يتم تنفيذها حاليًا في مصر. واختتمت ورشة العمل بالتطرق إلى الدراسات الإضافية التي يمكن أن يسهم بها مجتمع تنمية الطفولة المبكرة في مصر لزيادة معرفتنا بالتدخلات المبنية على الأدلة في مصر.

وقد قدم كل من كارولين كرافت، الأستاذة المساعدة للاقتصاد في جامعة سانت كاترين وبرونو كريبون، أستاذ الاقتصاد في ENSAE، والمدير العلمي لـ JPAL MENA، رؤيتهما حول الأدلة العالمية الخاصة بتدخلات الرعاية المبكرة للأطفال وتأثيرها على تحسين نتائج تنمية الطفولة المبكرة وتحسين مشاركة النساء في سوق العمل، وكذلك الأدلة على تغيير الأعراف الجنسانية لتحسين مشاركة النساء في سوق العمل. علاوة على ذلك، قام برونو كريبون وعبد الرحمن ناجي، مدير التعلم والاستراتيجية في مؤسسة ساويرس، والباحث الرئيسي، بعرض نتائج دراسة تقييم أثر إعانات رعاية الأطفال وخدمات التوظيف على انضمام النساء للقوى العاملة في مصر.

قدمت كرافت أيضًا نتائج أخرى من دراستها حول جودة دور الحضانة في مصر بناءً على تحليلها لبيانات مسح سوق العمل المصري التي تم جمعها في عام 2014. وبرغم عدم وجود بيانات كافية حول جودة دور الحضانة في مصر أو النتائج التنموية للأطفال الذين يذهبون إلى حضانات متنوعة من حيث الجودة، إلا أن تحليلها يوضح أن دور الحضانة ليست الشكل الأساسي الذي تعتمد عليه النساء اللاتي لديهن أطفال أصغر سنا، وأن الذهاب إلى الحضانة يعتمد على عمر الطفل والمحافظة التي يقيم فيها، كما يعتمد، إلى حد ما، على المستوى التعليمي للأم ووضعها الوظيفي.

كما عرضت بيانات حول مشاركة النساء في سوق العمل في مصر، مشيرة إلى أن معدلات التوظيف منخفضة خصوصا بالنسبة للنساء اللائي لديهن أطفال صغار، حيث أن هذه الشريحة من السكان تقضي عدد كبير من الساعات في العمل المنزلي. طرحت كرافت أيضًا النتائج المتعلقة بالمعايير الجنسانية في مصر وكيف تضع هذه المعايير مسؤولية رعاية الأطفال على عاتق المرأة في المقام الأول، وتؤثر على دعم المساواة بين الجنسين، وقد تحد من حرية حركة المرأة، وتعمل كحاجز أمام فرصها في العمل. لذلك، قد تتطلب زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل إما تغيير أو العمل ضمن معايير النوع الاجتماعي الحالية.

خلال الحدث قامت نيفين عثمان، مستشارة وزير التضامن الاجتماعي لشؤون الحوكمة والطفولة المبكرة، بتسليط الضوء على الخطة الوطنية للوزارة وأهداف تنمية الطفولة المبكرة، التي تركز على تأسيس البنية التحتية اللازمة لدعم تنمية الطفولة المبكرة، وبناء قدرات ميسري الحضانات، وزيادة الوعي بأهمية تنمية الطفولة المبكرة.، ووضع المؤشرات المناسبة لقياس جودة الحضانات وأدائها، وكذلك تطوير مناهج تنمية الطفولة المبكرة.

وقدمت إنجي عكوش، مديرة تطوير البرامج والجودة ، برنامج "النساء العربيات يتحدثن"، وهي مبادرة تقدم حزمة من الخدمات التي تهدف إلى تعزيز صمود النساء والفتيات المعرضات للخطر.

وعرض محمد الكرماني، مدير مختبر النمو ببنك الطعام المصري، الجهود المبذولة من بنك الطعام للحد من سوء التغذية بين الأطفال الصغار في مصر، ووضح أنه يتم تنفيذ ذلك من خلال أربعة تدخلات رئيسية: (1) توفير ثلث الاحتياجات الغذائية اليومية للطفل، (2) تقديم التوعية التغذوية والصحية والإيجابية، (3) توفير الفحوصات الطبية الأساسية و (4)) تحسين صحة الطفل ونموه. من خلال وضع تدابير سلامة الغذاء والنظافة. يقيس بنك الطعام المصري أيضًا تأثير هذا البرنامج على نتائج مثل الحالة التغذوية والقدرات المعرفية والوعي والأعباء المالية للأسرة.

قدم ناجي وكرافت وكريبون أيضًا تصميم دراسات الأثر القادمة التي تتطلع إلى تقدير أثر تدخلات تنمية الطفولة المبكرة، مثل تمكين المرأة وتوفير الوجبات الغذائية وتحسين جودة الحضانات، على مشاركة النساء في القوى العاملة ونتائج نمو الأطفال.

في نهاية ورشة العمل، عقد المشاركون مناقشة مفتوحة حول البرامج المحتملة القائمة على الأدلة التي يمكن أن تركز على تنمية الطفولة المبكرة في مصر، بالإضافة إلى البحث الدقيق الذي يمكن إجراؤه لتقييم أثر هذه البرامج؛ علما بأنه لا يزال هناك العديد من الأسئلة المطروحة. وقد اختتمت الورشة بتشكيل فريق عمل بقيادة مؤسسة ساويرس لمواصلة هذه المناقشات التي تهدف إلى إثراء المزيد من البحث و الدراسات حول أثر برامج التنمية، وتتطلع إلى نتائج هذه الدراسات الهامة التي ستساعد المجتمع المصري في التعرف على أفضل الطرق لتحسين نتائج تنمية الطفولة المبكرة وتمكين الأمهات الشابات من الحصول على على فرص التوظيف في مصر.

المؤلف

فريدة الجريتلي
فريدة هي مديرة التعلم والابتكار في مؤسسة ساويرس منذ يونيو 2021. عملت سابقًا في J-PAL MENA وهو مركز أبحاث عالمي، Ashoka Arab World وهي عبارة عن منصة للتواصل لأصحاب المشاريع الاجتماعية. عملت كذلك في AmCham Egypt ومدارس Mavericks. فريدة حاصلة على درجة الماجستير في سياسة التعليم الدولي من كلية الدراسات العليا في جامعة هارفارد عام 2016 ودرجة البكالوريوس في دراسات التنمية الدولية من جامعة ماكجيل في عام 2013. تكمن اهتمامات فريدة الحالية في تقييم الأثر لبرامج التعليم واستخدام البحث والممارسة لمساعدة الأطفال على التعلم بشكل أفضل. (للاتصال:felgueretly@sawirisfoundation.org)